أم البنين الزوجة العظيمة

البحث عن زوجه

أم البنين بنت عبدالعزيز بن مروان , وهي اخت عمر وزوجة الخليفة الوليد ابن عبدالملك , تزوجها في مصر عندما كان والدها عبدالعزيز والياً عليها , وكانت نعم الزوجة , وعرفت بصلاحها ومواقفها , وكان الوليد لا يرد لها طلباً , ولها قصص في البذل والعطاء و الكرم وتفقد المحتاجين , وكانت عابدة فقيهة تالية للقرآن الكريم , سخية , لها رأي نافذ وحكمة بالغة , أجمع كل من ترجم سيرة أم البنين بنت عبدالعزيز انها احدى فضليات النساء في عصرها , فهي ممن صرفن أوقاتهن في اقتناص العلم و الفقه وانصرفن لعبادة الله عز وجل , فقد تلقت العلم عن اكابر العلماء والتابعين , وكانت كثيرة الصلاة والاستغراق في مناجاة الله عز وجل , حتى انها تكاد تنسى من حولها فقد اثر عنها انها كانت تبعث الى نسائها وأهلها , فيجتمعن ويتحدثن عندها ثم تعمد إلى الصلاة فتقف طويلاً بين يدي الله عز وجل وبعد ان تصلي ما شاء الله ان تصلي تنصرف إليهن وتقول: ( احب حديثكن ولكني اذا قمت في صلاتي لهوت عنكن ونسيتكن ) ومن جوانب عبادتها انها كانت دائمة الذكر موصولة القلب بالقرآن تتعاهد القرآن صباحاً ومساء , فلا تكاد تُرى إلا وهي تالية للقرآن , خاضعة للذكر , وكذلك كان زوجها الوليد بن عبدالملك يختم القرآن كل ثلاث مرة , وختم في رمضان سبع عشرة ختمه , فكانت زوجته تسابقه في هذه الفضيلة , وكانت ممن يخشون الله عز وجل , وتختلف عما كانت عليه عامة النساء , فإذا ما ذكر الله استشعرت خشيته ومهابته في قلبها وكانت تقول في ذلك , ( ما تحل المتحلون بشيء أحسن عليهم من عظيم مهابة الله عز وجل في صدورهم ) ولقد بلغت مكانة عالية في التقرب إلى الله عز وجل , بكل ما يرضيه , وكانت كثيرة الانفاق , ذكر ابن الجوزي رحمه الله انها كانت تعتق في كل جمعه رقبه وتحمل على فرس في سبيل الله , ومما يذكر عنها انها كانت ورعه , فلا تكاد تقبل عرض أو مالاً جاء إلا من وجه شرعي , وترفض كل هدية جاءت من أي مصدر غير مشروع , وقد ذكر الطبري في تاريخ الأمم و الملوك قصص تدل على ذلك , وكان فيها رحمها الله صفه تغلب جميع صفاتها , إذ كانت سخية كريمة وكانت تقول في ذلك , ورويت عنها الحكم و الأقوال في ذلك , قيل لها رحمها الله: ما أحسن شيء رأيت ؟ قالت:( نعم الله مقبلة علي ) , ولقد ورثت الكرم عن أبيها عبدالعزيز ابن مروان الذي ذكر عنه شدة الكرم , وكان يذم البخل و البخلاء وكان يقول: لو لم يدخل على البخلاء في بخلهم إلا سوء ظنهم بالله عز وجل لكان عظيماً , فقد اقتدت به ابنته أم البنين , فكان لها في قلوب الناس محبة عظيمه لمآثرها وكريم أفعالها واصطناعها المعروف , فكانت ترى الانفاق و الجود مدعاة إلى زيادة الرزق , وكانت تدعو النساء إلى بيتها وتكسوهن الثياب الحسن , وتعطيهن الدنانير وتقول: ( الكسوة لكن والدنانير اقسمنها بين فقرائكن ) , تريد بذلك أن تعلمهن وتعودهن على البذل و الجود , ومن عيون حكمها وبديع أقوالها والذي يدل على حبها الشديد للخير واصطناعه , ما ذكر عنها أنها كانت تقول: ( أفُ للبخل والله لو كان ثوباً ما لبسته ولو كان طريقاً ما سلكته ) وكانت تقول: ( البخل كل البخل من بخل على نفسه بالجنة ) فلقد أحبت بذل المال و انفاقه في الطرق المشروعة لتشعر بنعمة الله عليها ولم تكن الدراهم والدنانير تعرف إلى بيتها سبيلا , وكانت تقول أيضاً: ( جعل لكل قوم نهمة في شيء وجعل نهمتي في البذل و الاعطاء , والله للصلة والمواساة أحب ألي من الطعام الطيب على الجوع , ومن الشراب البارد على الظمأ ) ولشدة حرصها على ذلك ووضع المال في مواضعه كانت رحمها الله تقول: ( ما حسدت أحداً قط على شيء , إلا أن يكون ذا معروف فأني كنت أحب أن اشركه في ذلك ) وكانت تقول:( وهل ينال الخير إلا باصطناعه ) , فهذه أم البنين بنت عبدالعزيز إحدى النسوة الفاضلات في عصر التابعين , ذات الأثر المحمود و الفضل المشهود والعقل المنير , رحم الله أم البنين التي بنت قصور من المحامد وغفر لها وأجزل مثوبتها وأدخلها بكرمه وعفوه الجنة .

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اتصل